الرئيسية تاريخ وسياحةتاريخ السودان العصور الحجرية في السودان ج (1)

العصور الحجرية في السودان ج (1)

بواسطة زهراء جبريل حلو
811 مشاهدات

العصر الحجري القديم:-
مر السودان بعصور حجرية مختلفة توضح مدى العمق الحضاري لإنسان السودان قديماً ، وعراقة المكان، والزمان للحضارة الكوشية. السائد وسط علماء عصور ماقبل التاريخ مصطلح العصور الحجرية، ويقصد به( العصور والدهور الطويلة التي عاشها الإنسان منذ ظهوره على وجه الأرض ، وحتى ظهور فجر الحضارة قبل سبعة ألف سنة).

وقد سميت بهذا الاسم لأن النشاط الصناعي السائد في تلك الفترة استخدم فيه الحجر، بالرغم من وجود العظام والأصداف.. ولأن المخلفات الرئيسية لإنسان تلك الحقبة هي أدواته الحجرية فقد إنكب علماء الأثار على دراستها ،وتحليلها بل وتصنيفها.بعد ذلك توصل العلماء إلى أن تلك الأدوات كانت تتطور بشكل بطئ .فقد بدأت لهم في المراحل الأولى كبيرة الحجم، وبعد فترة طويلة ظهرت أدوات أصغر، ثم في فترة لاحقة كانت في شكل رقائق. ولكي يسهل على الباحثين فهم تلك العصور، ودراستها تم تقسيمها إلى ثلاثة عصور رئيسية هي (العصر الحجري القديم ،العصر الحجري، الوسيط،العصر الحجري الحديث).

بالنسبة للعصور الحجرية في السودان أولاً لابد من التوضيح أن فترة العصور الحجرية في السودان ما زالت الأبحاث الأثرية تعمل فيها، وكل يوم تعطينا مادة جديدة تصحح لنا بعض الأفكار،وتغطى بعض الثغرات. وأن أول عالم أثار كان مهتم بالتنقيب عن فترة العصور الحجرية في السودان هو العالم الإنجليزي أركل الذي كان يعمل مفتشاً في مصلحة الأثار في الفترة مابين( 1938-1948).

وتكلل سعيه بإكتشاف حضارتي الخرطوم والشاهيناب،وهي حضارات تعود لفترة العصور الحجرية. سوف نتناول في هذا المقال العصر الحجري القديم في السودان وذلك من خلال التعرف علي الصناعات التي كانت سائدة فيه وطرق المعيشة وعادات الدفن لإنسان تلك الحقبة.

العصر الحجري القديم في السودان :-
بالنسبة للإجابة على سؤال متى بدأ العصر الحجري القديم في السودان ؟ فقد أوردت المؤرخة سامية بشير في كتابها((تاريخ الحضارات السودانية القديمة منذ أقدم العصور وحتى قيام مملكة نبتة)) أن علماء عصور ماقبل التاريخ يؤرخوا إلى بداية العصر الحجري القديم بمسألة ظهور الإنسان على وجه الأرض.

بالرغم من غياب وجود الهياكل البشرية، يصبح النشاط الإنساني المتمثل لنا في قطع الحجر، هو الدليل الوحيد على وجود الإنسان في تلك الفترة. وإن كان العلماء لا يستبعدون وجود إنسان عاش قبل إنسان قاطع الحجر.توصلت بعثة عالم الأثار أركل في الأربعينيات ، وبعثة ويندروف في الستينيات ، إلى العثور علي كميات كبيرة من أدوات العصر الحجري القديم ((الأشولية بصفة خاصة)) في مواقع مختلفة من السودان .لكن لم يوجد إتفاق بين العلماء حول تاريخ هذه الأدوات الحجرية. والسبب في ذلك أن العلماء لم يعثروا معها على هياكل أو أحفورات بشرية تساعدهم على تقريب التاريخ.

وجد الباحثون أن أقدم هياكل بشرية عُثر عليها في السودان حتى الأن تؤرخ للعصر الحجري القديم المتأخر ، وقد جاءت من موقع جبل الصحابة في منطقة وادي حلفا.

أيضاً من المواقع التاريخية للعصر الحجري القديم موقع خور أبوعنجة في مدينة أمدرمان ، و وادي سيرو غربي النيل، وجزيرة صاي وعبري، ومنطقة بطن الحجر، والسقاي، والكدادة…إلخ .وفي مطلع 1924 تم العثور على جمجمة إنسان في منطقة سنجة بالنيل الأزرق، وبعد فحصها تبين أنها تنتمي إلى العصر الحجري القديم الأسفل أو المتأخر، ويعد إنسان سنجة من أقدم المخلفات البشرية التي عُثر عليها في العالم وفي السودان.

قسم عالم الأثار ويندروف فترة العصر الحجري القديم في السودان إلى ثلاثة أقسام هي:(حجري قديم أسفل ،وحجري قديم أوسط ،وحجري قديم أعلى أو متأخر ). أثبتت الإكتشافات الجيولية الحديثة أن النيل قبل إنشقاق مجراه الحالي قبل 50 ألف سنة كانت له عدة فروع داخل الصحراء، وعلى تلك المجاري المائية داخل الصحراء عاش إنسان العصر الحجري،كما تم العثور على أثار حضارية تنتمي إلى إنسان العصر الحجري داخل الصحراء ، وعلى طول نهر النيل من شمال وادي حلفا إلى جنوب الخرطوم ،وعلي النيلين الأبيض ،والأزرق ،والبطانة .
بما أن المخلفات الرئيسية لإنسان العصر الحجري القديم هي الأدوات الحجرية ،فقد إعتمد عليها العلماء لتلمس طرق معيشة ذلك الإنسان .في العصر الحجري القديم المبكر إشتملت الأدوات على الفأس اليدوية، والمكاشط ،والمطارق، ورؤوس السهام، وأسنة الرماح، وهذه المسميات متشابهة في بقية أنحاء العالم . وبهذا يمكننا أن نتصور أن حياة إنسان العصر الحجري القديم كانت تعتمد على صيد الحيوانات البرية الموجودة في البئية، وإلتقاط الثمار الخلوية، ولم يعرف ذلك الإنسان حياة مستقرة حيث كان يهيم في الصحراء ،والغابات بحثاً عن الغذاء، أيضاً لم يعرف إستئناس الحيوان.ومع بداية العصر الحجري القديم المتوسط صنعوا أدوات جديدة من الحجر، أطلق عليها العلماء المختصين إسم أدوات الشظايا، والرقائق.وإستمرت صناعة أدوات الرقائق المصنوعة من حجر الشرت حتى العصر الحجري القديم المتأخر .

ويعتبر إنسان وادي حلفا هو الأسبق في صناعة أدوات الرقائق في إفريقيا. عاش الإنسان في ذلك العصر في الكهوف والمغارات الطبيعية .كما استخدم جلود الحيوانات ،وأوراق النباتات كملبس له.

أما بالنسبة لمدافن العصر الحجري القديم فقد عثر أركل في موقع جبل الصحابة شمال وادي حلفا علي عدد 58 جثة ،ترقد الجثث داخل حفرة صغيرة بيضاوية الشكل تغطى أحيانا بقطع حجرية كبيرة الحجم .ويرقد الميت في وضع قرفصائي (وهو الوضع الذي تكون فيه الركبتان مرفوعتان إلى أعلى في حالة ثني تام أو جزئي وتكون اليدان ملصقتان بالقرب من الصدر أو الوجه). في الغالب يحتوي القبر على حثة واحدة ،لكن أيضاً عثر علي قبور بها جثتين وثلاثة وأربع . ولايوجد إتجاه معين للقبر،كما لم يتم العثور على قرابين داخل القبر.

أما فيما يتعلق بأصلهم العرقي يذكر أركل أنهم يشبهون السودانيين الحاليين بينما يرى أدمز أنهم ينتمون إلى الجنس القوقازي الذي كان ينتشر في أوروبا وشمال إفريقيا.

في الأخر نجد أن تلك الفترة مازالت تحتاج مزيداً من الدراسة والبحث وذلك لأنها تحمل عمق حضاري ضارب في السودان القديم.

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...