الرئيسية الصحةسراج كاميكازي – الرياح الإلهية

كاميكازي – الرياح الإلهية

بواسطة محمد عامر عبيدي
نشر اخر تحديث 419 مشاهدات

بقلم : محمد عامر عبيدي

خلال الحرب العالمية الثانية وأثناء الحصار البحري الخانق على اليابان أسس القائد أسايكي كاماي  فرقة من الساموراي اليابانيين بعد أن اقترح عليهم التضحية بالنفس مقابل دحر العدو والنيل منه ، تطوع 24 مقاتلا بقيادة يويكيو سيكي. كان المقاتل الكاميكازي يملأ طائرته بالمتفجرات ويسقطها في إحدى مقاتلات الحلفاء . نتيجة لهذه التضحية تم  إغراق أكثر من 81 سفينة حربية وحاملات طيران ، ومات جراء هذه الأحداث أكثر من 5000 مقاتل من قوات الحلفاء .
كبدت تضحيات الكاميكازي قوات الحلفاء العديد من الخسائر التي حاولوا تعويضها بقصف اليابان بقنبلتي هيروشيما ونجازاكي اللتان أدتا لقتل الملايين وإنهاء الحرب العالمية الثانية ، إحدى أطول الحروب في العالم وأكثرها دموية .
في ديسمبر عام 2001 تقدم *مجاهدان فلسطينيان* يتبعان لحركة حماس إلى منتصف إحدى إرتكازات جيش الإحتلال الصهيوني وفجرا أنفسهما في عملية إستشهادية أدت لمقتل 13 جندي وضابط من جيش الإحتلال . كما أن العمليات الإستشهادية لا زالت تمثل إحدى الركائز الأساسية في الحرب ضد الصهاينة حتى اليوم .

عزيزي القارئ ، طالما كانت غريزة البقاء هم المحرك الأساسي لبقاء الكائنات الحية – بما فيها الإنسان – إذ يبذل الشخص كل ما في وسعه كي ينجو بنفسه من الهلاك ، ففي علم وظائف الأعضاء يفرز الجسم هرمون الأدرينالين في حالات  الكر والفر – fight & flight حتى يستطيع الشخص النجاة بنفسه إما عن طريق الهروب أو المواجهة . كما أن هذا الأمر كان ولا زال يعتبر حقيقة لا خلاف فيها أن الكائن الحي يحاول ما في وسعه حتى يتجنب الموت والإنقراض .
ولكن التاريخ الإنساني حافل بكثير من اللحظات التي فضل فيها أشخاص طبيعيين الموت مقابل بقاء غيرهم ، والتضحية بالنفس وإرخاصها مقابل قضية يعتبرها المرء سامية فما السبب وراء هذا يا عزيزي؟
طالما أرق هذا السؤال علماء الأحياء و الفلسفة كثيرا حتى يعرفوا أسباب إرخاص الناس دمائهم لأجل فكرة أو عقيدة أو دين أو إله ، فقد مثلت التضحية كل ما هو ضد فكرة التطور عموما إذ لا يتخلص الشخص من بني جنسه وحسب بل ومن نفسه كذلك .
الكاتب وﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻤﺦ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮﺭﺩ ، ﺭﻭﺑﺮﺕ ﺳﺎﺑﻮﻟﺴﻜﻲ صاحب كتاب : ” ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ : ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ ﻭﺃﺳﻮﺋﻬﺎ ‏” حاول الإجابة عن هذا السؤال بعزو هذه التصرفات لتناقض أساسي في السلوك البشري وأن الطبيعة البشرية مرنة جدا وتعتبر هذه المرونة أكثر خصائص الطبيعة البشرية ثباتا فلا يمكن التنبؤ بما يبدر منها ، إذ أن الإنسان بمقدوره أن يرتكب آلاف المجازر ويقتل ملايين الأشخاص وفي نفس الوقت يمكن أن ينقذ الإنسان أرواحا كثيرة ويرخص نفسه حتى يعيش الآخرون  ، وقد عزا هذه المرونة الإنسانية لحرية الإرادة فيستطبع الشخص تقرير مصيره وإختيار ما يراه من سلوك خيرا كان أم شرا ، مناقضا لكل ما دأبت العلوم البيولوجية تأكيده في الحقبة الأخيرة ، وأضاف :أن ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺇﻧﻨﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺭﻣﻮﺯ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻗﺪ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺻﺤﻴﺤﺔ جدا .
ما زالت الطبيعة الإنسانية ورغم والتقدم الكبير في العلوم البيولوجية وغيرها تمثل كنها عظيما وما زالت كثير من التصرفات لا يمكن تفسيرها بعلم السلوك فالمجاهد في سبيل الله يرخص نفسه ويرميها بين صفوف العدو وهو يعلم علم اليقين أن له الجنة بعد إستشهاده مع أنه لم يرى الجنة ولو لوهلة في حياته ولكن الإيمان يمثل جانبا عظيما وخفيا لا يمكن تفسيره بقدر ما يمكن الإحساس به .

ختاما شفى الله كل مريض وأعان كل مبتلى

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...