الرئيسية الأعمدة هل تشکل التعددية الثقافية خطراً على المجتمع وتطوره؟ (1)

هل تشکل التعددية الثقافية خطراً على المجتمع وتطوره؟ (1)

بواسطة Mahdi Abdelrhman
نشر اخر تحديث 430 مشاهدات
حقيقة اطرح هذا السؤال في فضائه الواسع وليس الديني أو الطائفي کما جرت العادة بوصم ثقافتنا وحضارتنا العربية بصفتها اسلامية، وأنا بصراحة لا أرى أن الثقافات لها هوية دينية، إذ لا يمکن مثلا تجاهل دور مسيحيي العراق والفرس واسلاميين غير عرب بالإنجاز الحضاري الذي يعرف بالعربي الإسلامي، وأهم منجزاته ليست عربية ولا اسلامية، بل هناك رفض من الفکر الديني للکثير من الانجازات بوصمها بالکفر … الموسيقى والفنون مثلا!!
جميع الحضارات تطورت باتجاه معاکس لمجمل الفکر الديني الذي کان سائدا، في المسيحية نجد کوبرنيکوس راهب وعالم فلکي أثبت أن الأرض تدور وأنها ليست مرکز الکون وهي النظرية التي سادت 20 قرناً ودعمتها الکنيسة لمدة 12 قرن وجعلت مجرد التشکيك في هذه النظرية کفراً، وغاليليو غاليلي الذي نشر نظرية کوبرنيکوس ودافع عنها بقوة على أسس فيزيائية.
في الإسلام نجد حرق کتب ابن رشد الذي سبق عصره، بل سبق العصور اللاحقة کافة، وقدم للعلم مجموعة من الأفکار التي قامت عليها النهضة الحديثة‏، قبل ذلك قتل ابن المقفع، قطعت يدي ورجلي السهروردي وصلب الحلاج.
قائمة القمع الفکري تمتد وصولا الى العصر الحديث بطعن نجيب محفوظ وقتل فرج فودة والسکاکين التي تذبح البشر مثل الخراف تحت فکر ديني لم يجرؤ حتى اليوم علماء الأزهر، بصفتهم ارفع قيادة دينية أن ينتقدوه وأن يقوموا بحملة توعية دينية ضده… من منطلق أن المسلم لا يمکن أن يزدري دينه فبأي تبرير ديني يذبح الأبرياء مسلمين وغير مسلمين؟
هناك فکر اضطر أن يلائم نفسه للتعددية الثقافية وفکر آخر يصر على رفضه لأي تحول وهذا يبرز بقوة في مستوى التطور الحضاري ، مستوى تطور اللغة، مستوى تطور الفلسفة، مستوى تطور العلوم والتعليم وطبعا بمجالات عديدة وکثيرة لدرجة يبدو ان ردم الفجوة بات من المستحيل لأنها تزداد اتساعا.
ونحن في بدايات القرن الواحد والعشرين نرى أن الکثيرين لا يفقهون معنى التقدم الهائل في التکنولوجيات والعلوم، وأن ما يحدث ليس تعبيرا عن تقدم التاريخ الإنساني فقط، بل تحولات ثورية و انقلابية في جميع مجالات الحياة والفکر وخروجا عن الکثير من النظريات الاجتماعية والسياسية والعلمية والثقافية التي سادت القرنين السابقين بحيث بات من الصعب تطبيق ما کان في القرنين السابقين على ما هو حداثي اليوم، حيث أن البشرية تجاوزت مراحل ذات مدى انقلابي راديکالي مما يعرف باصطلاح “ما بعد الحداثة” وحتى “ما بعد بعد الحداثة” وهي ليست ظاهرة في الثقافة الروحية فقط، بل شملت کل مناحي الحياة من الاقتصاد والعلوم إلى الأدب والفنون، في الوقت الذي يعيش الشرق تحت سطوة العصر الحجري.
أقول بدون تردد أننا نعيش حقبة جديدة في تاريخ البشرية، حقبة تشهد تغييرات عاصفة ليس في السياسة فقط، انما في مرکزية العالم التي تنتقل من مراکز شکلت المدخل للحضارة الإنسانية … أوروبا القديمة، إلى عالم متعدد المراکز الحضارية والثقافية والعلمية.
إن واقع الشرق يعني انه سيبقى مزرعة خلفية للعالم المتطور، وربما نجد أن ضرورات التحول ستفرض مسح هذا الجزء من العالم من الخارطة الإنسانية.
Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...