المرأة السودانية

بواسطة مجلة السودان
نشر اخر تحديث 378 مشاهدات

بقلم: سارة أمين

لم يستطع الرجل السوداني يوما ما أن يتخلى عن رفيقة دربه و صاحبة الفضل الأكبر في لم شتات ذاته المبعثرة على طرقات المسير في بلد يعاني فيه مواطنه من كل شيء و يبدو أن كل شيء لا يأتي بلا جهاد. ذلك الجهاد الذي أشركت نفسها فيه من غابر الزمان و استمر حتى حينٍ برزت فيه نساء ترفع لهن القبعات و تُخلى لهن المجالس و المنصات لقيادتهن ثورة تغيير باتت تُدرس ضمن مناهج التاريخ النضالي للمرأة الأفريقية و العربية و بل المرأة بشكل عام.

إن كنت متذوقاّ جيداً للتاريخ النوبي و تعد نفسك من رواد المتاحف و المزارات الأثرية و متتبعا جيداً للحضارة النوبية في أرض النيلين فلن يأخذك كثيراً من الوقت حتى تدرك أن الأرض التي تطؤها قدماك في شمال دولة السودان كانت يوما ما جزءاً من مملكة تحكمها نساء نوبيات لنصف قرن من الزمان، إحداهن يقبع رفاتها بين جدران جبل البركل ذلك الصرح الذي يحكي عن نضالات الشعب الكوشي عبر التاريخ في محاربة الغزو الروماني و الدي قادت غمار معاركه بنفسها صاحبة اللقب الذي تفخر به جميع نساء بلدي حتى اللحظة، “كنداكة“؛ الملكة أماني ريناس.

أما شاخيتي التي يضم متحف برلين الشهير مقتنياتها الثمينة بين جدرانه فقد أجبرت المستعمر الروماني على التقهقر عن أسوان و كان لها فضل المعاهدة الشهيرة بين الرومان و كوش و التي دامت لثلاثة قرون كانت تتمتع خلالها كوش بتجارة صفرية الضرائب.

لم تتوقف نضالات المرأة السودانية في تلك العهود الذهبية من تاريخ البلد الأسمر و إنما استمر نضال المرأة عبر التاريخ السوداني على نحو متزايد رأسياً و أفقياً. خاضت المرأة عبره غمار حروب لم تكن ضد العدوان الأجنبي و حسب؛ وإنما كانت ضد الجهل الذي تخطف أوصالها و حرب أخرى ضد الساسة الذين مارسوا جهلهم عليها من أجل تحجيم نشاطها السياسي و الثقافي عن طريق سن قوانين فضفاضة ترى أن المرأة لا تعدو كونها تعبيراً مباشراً عن الضلال الذي يهاجم مدينتهم الفاضلة. و ضد آخرون استخدموا و ما زالو يستخدمون قضيتها لمطامع في أنفسهم يرمون لها. لم تكن المرأة في بلدي يوماً ما ناقصة لتُكمَل و لا ضالة لتُوجه و تُعاقب. بل كانت لها الريادة على المستوى الأفريقي و العربي في طرق كثير من الأبواب المغلقة. ففي مجال الأدب كانت ملكة الدار محمد عبد الله أول قاصة سودانية و أول من كتبت الرواية في الوطن العربي عن روايتها الفراغ العريض التي حكت فيها عن معاناة المرأة السودانية في عهد الاستعمار الانجليزي.

و في مجال السياسة و العمل المجتمعي يبدو أن المجتمع السوداني أفرز أكثر من “فاطمة” واحدة ليجعلها ورقته الرابحة في معركته نحو إرساء قواعد الحريات العامة و إغلاق الفجوات النوعية. إحداهن اختيرت رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1991، فاطمة أحمد إبراهيم و التي حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لجهودها في قضايا النساء ومكافحة استغلال الأطفال. و لن يخفى عليك عزيزي القارئ ان كنت من متابعي الأخبار السياسية المحلية ذلك الاسم الذي سبب الكثير من الجدل، فاطمة عبدالمحمود المرشحة الرئاسية السابق والتي حازت على جائزة سيرز الذهبية للأمم المتحدة ضمن أميز نساء العالم عام 1976، و التي أدرج اسمها بالأمم المتحدة لأميز 60 امرأة على مدى 60 عاما.

و غيرهن الكثيرات في شتى المجالات و الاختصاصات ما زلن يحملن عبء تطوير البلاد و تحريرها من قيود الجهل و التصادمات العرقية، إن كن يعملن داخل حدود الوطن أو كن من الطيور المهاجرة فلهن السلام و التحية في يوم المرأة العالي فلن يكفيهن التاريخ بثردياته في قص رواياتهن.


.

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...