الرئيسية تاريخ وسياحةتاريخ السودان تاريخ السودان الحديث ج “١٠”

تاريخ السودان الحديث ج “١٠”

بواسطة مأوى عبدالعزيز
نشر اخر تحديث 1.4K مشاهدات

ثورة ديسمبر

 

  من ديسمبر إلى أبريل، أربعة أشهر من الإحتجاجات الشعبية المتواصلة الرافضة للنظام..كانت كفيلة بأن تسقط الحاكم الذي تربع على عرش السلطة ثلاثين عاماً.
الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة :-
في بادئ الأمر و بسبب تردي الأوضاع المعيشية، و الأزمات الطاحنة قامت مظاهرات و إحتجاجات على إثر ذلك مطالبةً بتحسين الأوضاع؛ و لكن سرعان ما تحولت إلى ثورة مطالبة بإسقاط النظام من جذوره في العبارة الشهيرة “تسقط بس” التي جابت جميع أنحاء البلاد، و مواقع التواصل الإجتماعي.


دور ولايات السودان في إندلاع الثورة :-
كان للولايات دور كبير جداً في إندلاع ثورة ديسمبر حيث أن الشرارة الأولى لم تكن من العاصمة الخرطوم؛ بل كانت من الولايات و بالتحديد في ولاية النيل الأزرق في الدمازين في ١٣ ديسمبر ٢٠١٨  حيث خرج طلاب المدارس في احتجاجات بسبب إنعدام الخبز ، لكن الإنطلاقة الفعلية، و البارزة كانت في مدينة عطبرة – المدينة النقابية العريقة-حيث احتجت مجموعة من تلاميذ المدارس لنفس السبب “انعدام الخبز”  هذا فيما لم تخلُ الإحتجاجات من الأعمال التخربية برغم مناداتها بالسلمية، و كان إحراق دار المؤتمر الوطني بعطبرة بمثابة منظر رمزي لسقوط النظام سياسياً.

بعد هذا تزايدت وتيرة الأحداث فكان  مئات من الناس يخرجون إلى الشوارع في العاصمة و في معظم ولايات السودان يطالبون برحيل النظام و قد استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين فيما شهدت بعض المناطق استعمالًا للذخيرة الحيّة، مما تسبب في وقوع عددٍ من الجرحى وسط أنباء عن سقوط عددٍ من الشهداء أيضًا دون بيانات رسمية في ذلك الوقت. و في ظل تزايد الاحتجاجات و شموليتها؛ علّقت السلطات الدراسة في كل الجامعات، وك ذلك مرحلتي الأساس والثانوية بولاية الخرطوم لأجل غير مسمى فيما أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال من السادسة مساءً، وحتى السادسة صباحًا في بعض الولايات.

البشير يعلن حالة الطوارئ في خطابه الأخير

دور تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير في الثورة:-
بعد عدة أسابيع من انطلاق الاحتجاجات برز نجم تجمع المهنيين السودانيين.. و هو عبارة عن تجمع أو كيان يضم ١٧ نقابة سودانية مختلفة تأسس في عام ٢٠١٢ و كان هذا التجمع يقود الإحتجاجات الشعبية، عن طريق تسيير مواكب منظمة حسب خطة وجدول زمني معين.
وفي مطلع عام ٢٠١٩ تم التوقيع على قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) و هي مكوّنات سياسيّة سودانية تتشكّل من تجمّع المهنيين، الجبهة الثورية و تحالف قوى الإجماع الوطني وكذلك التجمع الاتحادي المعارض. و تلخصت مطالب تجمع المهنيين وقوى التغيير الأساسية في التنحي الفوري للبشير من رئاسة البلاد دون شروط، و تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية لأربعة سنوات، و وقف الانتهاكات، و إلغاء القوانين المقيدة للحريات.
استمرار الاحتجاجات رغم وسائل القمع العنيفة :-
منذ بداية إنطلاق الإحتجاجات، و التظاهرات لم تتوقف إطلاقا ولم تهدأ قط بل بالعكس كان في كل يوم جديد ينضم مئات المواطنين إلى الشوارع؛ بصورة تعكس توحد جميع أطياف الشعب من أجل إسقاط البشير، و بالرغم من إزدياد عدد القتلى والجرحى..أيضا شهدت بعض الأيام  من شهر يناير إحتجاجات ضخمة تركزت في بعض المدن بما في ذلك الخرطوم، و أم درمان فيما ردّت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي و الحيّ أحيانًا. وفي وقت لاحق صرح قيادي سابق في الحكومة “على عثمان” أنه توجد حماية قوية للنظام من السقوط في مقولته الشهيرة :

“لدينا كتائب ظل تعلمونها جيداً تدافع  عن هذا النظام، ولو استدعى ذلك التضحية بالروح”.

  

ومن جانب البشير فقد عمل على إصدار العديد من القرارت في فبراير ٢٠١٩من أجل امتصاص غضب الشارع؛ فأعلن حالة الطوارئ لمدة عام، و دعا البرلمان إلى تأجيل تعديلات دستورية كانت ستمكنه من السعي لفترة رئاسة جديدة، كما وعد بإتخاذ إجراءات اقتصادية حازمة لحل الأزمات. و لكن المعارضة تمسكت بتنحيه عن منصبه. فيما بعد أشارت الأرقام الرسمية إلى مقتل ٣٢ شخص من بينهم ٣ من رجال الأمن، و يقول نشطاء إن نحو ٦٠ قتيلا في الإحتجاجات إضافة إلى مئات الجرحى، والمعتقلين، والمفصولين من العمل.
السادس من أبريل – تاريخ فاصل في مسار الثورة  :-
ما زالت التظاهرات، والإحتجاجات، والمواكب تُسير طيلة شهر فبراير و مارس، والصراع بين الثوار وأجهزة الأمن القمعية مازال مستمراً و في ذلك الوقت وقبل حلول أبريل كان تجمع المهنيين يدعو و يحشد إلى مليونية السادس من أبريل – في يوم السبت – تزامناُ مع ذكرى إسقاط حكومة جعفر نميري ١٩٨٥، ولقد لقي هذا الموكب حظه من الدعوات إذ استجابت إليه أعداد مهولة من الشعب.. تقدر بمئات الآلاف حينها توجهوا مباشرة إلى ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة.

قرر المحتجون إقامة إعتصام بساحة القيادة العامة و صرحوا  بأنهم لن يبرحوا من مكانهم حتى تتحقق مطالبهم، ألا و هي سقوط البشير، لكن القوات الأمنية قد تدخلت لتفريقهم بالقوة، مما تسبب في قتل خمسة متظاهرين بالرصاص الحي و بالرغم من ذلك ظل الاعتصام مستمراً وي توافد إليه الناس كما أصبح مهرجان ثوري، و شعبي يضم مساحة فنية، و رياضية، و موسيقية، و صحافية كبيرة.. وكان للجيش دور في حماية المحتجين في ساحة الإعتصام حيث دار اشتباك بينه وب ين قوات الأمن والشرطة التي حاولت تفريق المعتصمين مما نجم عنه مقتل خمسة من العسكريين.

وبعد أيام قليلة نجح الإعتصام في الإطاحة بعهد الإنقاذ، في صبيحة يوم الخميس الموافق ١١أبريل  في اجتماعً لم يحضرهُ البشير وسطَ أنباء تحدثت عن إغلاق مطار الخرطوم الدولي، و تطويق القصر الرئاسي بالآليات العسكرية ثم بعدَ حوالي ٧ ساعات أصدرت القوات المسلحة بيانًا أعلنت فيه اعتقال الرئيس عمر البشير، و تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة أحمد عوض بن عوف لقيادة البلاد لمدة عامين كما أعلنت فرضَ حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في البلاد، وَ علّقت العملَ بالدستور الحالي إلى جانبِ حلّ كل من مجلس الوزراء، حكومات الولايات، المجالس التشريعية وكذا حظر التجوال لمدة شهر في عموم البلاد.
موجز بسيط لسلسلة تاريخ السودان الحديث :-

(السودان والحكومات المتعاقبة مابين المدنيين والعسكر فهل سيعبر؟)

تعتبر هذه العبارة أو هذا النص خلاصة و حصاد لجميع أجزاء السلسلة.. فستدرك عزيزي القارئ أن السودان، ومنذ إستقلاله من عام ١٩٥٦ مر بسبع فترات رئاسية حكمت البلاد، و أن حكم مدني يعقبه عسكري ” يأتي بإنقلاب” و حكم عسكري يتلوه مدني “يأتي بانتفاضة” و في هذه السلسلة التي بدأت برفع إسماعيل الأزهري علم الإستقلال و انتهت بسقوط البشير ظل السودان يعاني من العديد من المشاكل منذ فجر الاستقلال وما زال ولكن هذا لاينفي وجود نقاط إيجابية طيلة هذه الفترة، وبكل الأحوال حاولنا إبراز الحقائق و المعلومات كاملة غير منقوصة، و بطريقة سلسة تتيح للقارئ التعرّف بوضوح على أهم فترة من فترات تاريخ السودان.

 

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...