الرئيسية تاريخ وسياحةتاريخ السودان ثورة 1924 (اللواء الأبيض) (2)

ثورة 1924 (اللواء الأبيض) (2)

بواسطة حسن جعفر
345 مشاهدات

مواصلة لما ذكرناه في الجزء الأول، يجب أن نوجه أنظارنا تلقاء مصر وما يدور فيها في العام 1923، لكن سنركز على ما يهم السودان فيها، وما يرتبط بالحركة السياسية التي تدور فيه متمثلة في جمعية اللواء الأبيض.

فمنذ العام 1922 تشكلت عدة حكومات مصرية لم تنل ثقة الشارع، إلى أن تم إقرار دستور 1923 وتولى حزب الوفد بقيادة سعد زغلول رئاسة البرلمان بعد عودته من المنفى؛ والجدير بالذكر أن هذا الدستور حذف منه الفقرتين التي تخص السودان، وهذا ما أثار حنق المصريين، وبدأت المسأله السودانية تعود للواجهة بقوة ومع هذا الظهور، وفي نفس التوقيت ظهرت جمعية اللواء الأبيض والتي تتبنى شعار ( وحدة وادي النيل )، وكان متوافقاً لدرجة التطابق مع مايدور من مطالب مصرية حول السودان في مفاوضاتها مع الإدارة الإنجليزية حول المسأله السودانية، وكانت كدعم للمصريين مقابل الدعم الآخر الموجه للإنجليز من الشخصيات والزعامات الطائفية .

مجلس حكومة سعد زغلول

كانت جمعية اللواء الأبيض تقريباً هي نفس جمعية الإتحاد السوداني بصورة وحله جديدة، وأغلب قيادتها كانوا أعضاء في جمعية الإتحاد، لكن بدخول على عبداللطيف بها و رئاسته لها دخل عنصر جديد، وهو العنصر العسكري والذي يمثل العسكريين السودانيين في الجيش المصري بالسودان.

كانت أول إهتمامات حكومة زغلول تغيير قانون 1923 والمحذوف فيه أي إشارة للسودان، لكن تراجعت وحلت اللجنة واستمر القانون إلى العام 1924.

العام 1924 كان عام الصدام بلا منازع بين سعد زغلول والملك فؤاد والإدارة الإنجليزية، وكان أحد هذا الصدام حول المسألة السودانية، وعمل هذا الصدام على تهييج الشارع مرة أخرى وإزدياد الإستقطاب، ورافق هذا في نفس التوقيت تصعيد في السودان من قبل جمعية اللواء الأبيض ضد الإدارة الإنجليزية وحلفاءها من الشخصيات الطائفية، وكان حراكهم هذا بقيادة جمعية اللواء الأبيض ومعها مجموعات صغيرة من التنظيمات، والشخصيات، والحرفيين الذي إستمالتهم الفكرة أو الجمعية، وغالبيتهم العظمى من الأفندية والمثقفاتية، كانت الشعارات تنادي بسقوط الحكم البريطاني، و تهتف بحياة فؤاد الأول ملك مصر، وكانت تتميز مظاهراتهم بالصخب والضوضاء والعنف والتكسير، وهذا أدى إلى أن يقوم الإتجاه الآخر الموالي للإنجليز بحراك يقوم على عدم إعترافهم بإتفاقية الحكم الثنائي لعام 1899 على أساس أن السودان لم يكن طرفاً فيها، كما قرروا أن تكون بريطانيا وصية على السودان حتى يتحقق تطويره أولاً ثم منحه الحكم الذاتي، ثم استخدمت هذه المجموعة ثقلها الإجتماعي والطائفي الكبير ضد اللواء الأبيض المحدود الثقل، وهذا ما أدى إلى ضعف وتخبط تيار اللواء الأبيض.

قام سعد زغلول بتقديم إستقالته للملك ورفضها الملك حتى لايزيد شدة الإضطرابات، وفي الجانب السوداني قامت الإدارة الإنجليزية بإعتقال علي عبداللطيف الذي أرسل برقيه لرئيس وزراء بريطانيا ماكدونالد يندد فيها بإنفراد بريطانيا بالسودان وفصله عن مصر، كما أن إعتقاله كان كمحاولة لتخفيف الضغط، ثم تم إتهامه بالجنون وإيداعه المصحة قبل نفيه إلى مصر.

في خطوه مريبة قام طلبة الكلية الحربية السودانية بمظاهرة للتنديد بالإمتيازات في الرتب التي ينالها زملائهم خريجي الكلية الحربيه المصرية ( موالين لمصر) وهذا في وجهة نظري بداية وتمهيد لسحب الجيش المصري وإحلال الجيش السوداني الجديد مكانه، خصوصاً وأن بعض ضباط الجيش المصري من السودانيين أعضاء في اللواء الأبيض وطبعا ولاءهم مصري كما هو معلن.

قامت الكتيبة المصرية في عطبرة مع أعضاء جمعية اللواء الأبيض، وعمال السكك الحديد بمظاهرات حشدوا لها ونادوا بتأييد مصر وحرق العلم البريطاني، و تم تحطيم مكتب رئيس العمال البريطاني وبعض ممتلكات الإدارة البريطانية، واستمرت المظاهرات ليومين استدعت بعدها الحكومة قوات بريطانية من الخرطوم قامت بإطلاق النار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، وتم على إثرها ترحيل القوة المصرية من عطبرة.

هنا لمع اسم السير ( لي استاك ) القائد العام لقوات الحكم الثنائي المشتركة (السردار) وحاكم عام السودان، والذي بدء في محاولات عملية فصل مصر عن السودان وإبعاد القوات المصرية منه بإستغلال مظاهرات عطبرة والكلية الحربية.
وأدت هذه الإجراءات إلى غضب كبير جداً في مصر وأدى هذا الغضب إلى إغتياله عندما ذهب للقاهرة .
أغضب إغتيال السردار بريطانيا وإستغلته في نفس الوقت، فبعد ثلاث أيام فقط من إغتياله أمهلت بريطانيا مصر 48 ساعه لسحب جيشها، وأن يتبع السودانيين الموجودين به والذين لاترغب بهم مصر إلى القوة الجديدة التي ستنشىء ( قوات دفاع السودان) وسيكون ولائها لبريطانيا فقط.

السير ( لي استاك ) و جنازته

هنا ومع جدية بريطانيا أذعنت مصر لها وقررت التخلي عن السودان، وأعطت أوامرها لقواتها في السودان بالإنسحاب، هنا رفض الضباط السودانيين بالفرقه 11 الأوامر، وكان جلهم من صغار الضباط ( ملازمين ) وحاولوا القيام بتمرد مع فرقة المدرعات المصرية التي كانت ترفض الجلاء إلا بأوامر مباشرة لكنهم فوجئوا بإنسحاب فرقة المدرعات مع بقية الجيش بعد أن جاءهم الأمر المباشر، وإعترضهم الحاكم والقائد العام البريطاني هدلسون وأمرهم بالرجوع إلى الثكنات لكنهم رفضوا لأنهم جنود مصريين ولن يلتزموا إلا بأوامر الجيش المصري، وأمر هدلسون قواته بالإشتباك معهم، وحسمت المعركه لصالحه، وبسطت السيطرة البريطانية التامة على السودان.

الجنود السودانيين بالقوات المصرية

في ظل هذه الاحداث
ماذا حل بجمعية اللواء الأبيض؟
ببساطة ( انتهت).
فالمصريين رضخوا للإنجليز وتركوا السودان، ومباشرة انتهى هذا الحراك وأصبحت اللواء الأبيض مجرد ذكرى!

ألماظ, أحد قادة الفرقة 11 المتمردين

بنظرتنا بالعين الأخرى لهذه الثورة
أقول وبكل ثقة
هي ثورة مصرية خالصة تخص الشأن المصري جرت أحداثها في السودان.

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...