الرئيسية العلوم معضلات اخلاقية … تاريخ طب الحروب ..!

معضلات اخلاقية … تاريخ طب الحروب ..!

توثيق ( معضلة الاولوية )

بواسطة أحمد صالح الفكي
نشر اخر تحديث 54 مشاهدات

في الازمات الانسانية .. تكون الانسانية في ازمـة ..

هذا ما دأبت عليه المجتمعات البشرية وهو احد الابتلائات التي فرضها الله علينا .. انه ابتلاء الاختيار .. وفي البداية  يجب توضيح بعض النقاط ..

يمثل طب الحروب أعلى درجات الاستعداد القصوى داخل المنشآت الصحية التى تعلنها الدول فى حالتين الأولى عندما تكون فى حالة حرب مع عدو والثانية إذا كانت تواجه وباء يخلف ضحايا بالآلاف ولم تعد المستشفيات قادرة على مواجهة الطلب على الخدمة وبالتى يصبح من حق الطبيب أن يختار من يتلقى العلاج و من يهمل ؟

ببساطه حينما تحصل الازمات في الحروب بسبب عدد الجرحى و تصبح الاسرة مزدحمة و يصبح الاطباء في موقع مفاضلة و اختيار بين المرضى و الجرحى العسكريين و الضحايا من المدنيين .. تظهر ظروف استثانية تجعل الطاقم الطبي في وضع لا يحسد عليه

وهو الاختيار الاصعب في مجال عملهم .. لمن الاولوية في العلاج ؟ .. و نظرا لانه موقف لحظي عاجل .. فقد اتخذ الاطباء مافي وسعهم لكي يكونوا اكثر عدلا .. فهم انفسهم لن يستطيعوا تحمل تبعات هذا الاختيار ان احسو بانهم يظلمون الجرحى ..فوضعوا طريقه لكي يحلوا معضلة الاولوية .. ولقد كانت هذه البروتوكولات التي سنذكرها لاحقا تهدف الى ان  يعطى الجميع فرصة عادلة و يستطيع الاطباء الاحتفاظ بسلامتهم النفسيه ..

تمتلك معظم الدول ميثاقا خاصا بطب الحرب و اخلاقيات محددة .. مثلا بان لا يحرم من العناية الصحية اي شخص بسبب اعتبارات وضعه الاجتماعي ولا بمقدار ما حصل عليه سابقا من الرعاية الصحية ..

من اشهر عمليات المفاضلة في طب الازمات .. والتي حاولت ان تعتمد العدالة منهجها ما امكن وهي ليست دائما بالترتيب و لكنها الاسترتيجيات المتبعة عامة .. وهي :

1- البداية ( الاسبقية ) .. من ياتي اولا يعالج اولا .. وهذا منطقي

2- فاذا تشبع المستشفى .. ( قابلية النجاح ) .. من لهم قابلية اكثر للنجاح يعالجون اولا

3- الاستخدام الافضل للمصادر .. فلو احتاج شخص جهازا ما او سريرا  لاربعة اسابيع فان الاولولية تعطى لـ اربعة اشخاص كل شخص اسبوع

4- اذا تساوت القابلية وتشبع المستشفى وتساوت فرص الشفاء و استخدام المصادر  وتساوى كل شيء .. فـ ( الحظ و الصدفة ) .. حيث يعطى المرضى او الاطباء سؤال مثلا .. احمر او ازرق .. و من يختار بالحظ الجواب الصحيح يكون الجهاز والعلاج  من نصيبه

الحاضر:

بعد استعراض كيف المشكلة قديما .. هذا ما حدث في العصر الحالي في ازمة كورونا ( كوفيد 19 ) في ايطاليا و اسبانيا …

صدرت قرارات من كل من وزارت الصحة الاسبانية و الايطالية في قمة الازمة تنص على انه سيتبع .. ( الاسبقية ) كمعامل التفاضل .. من يصل اولا يعالج اولا .. ثم ( قابلية النجاة ) .. بمعنى ان الطبيب سيختار من يترك خارجا و من يحصل على الجهاز بناء على توقعات الاطباء .. ثم اخيرا لو تشبع النظام الصحي كاملا بالمرضى .. فسيكون هناك ( حد اعلى للعمر ) .. اي ببساطة كل من هم اكبر من سن معين .. لن يحصلوا على العلاج ..
ذكر هذا في الفقرة الثالثة للتوصيات المقدمة للاطباء من اللجنة الرسمية ..  حيث ذكر نصا ” سيكون علينا في النهاية تحديد عمر معين لدخول العناية المركزة و لكننا سنتبع الان نظام (قابلية النجاة) ” ..

وهو اسلوب يعتمد على الاحصاء الرياضي في من يتوقع له النجاة او الموت .. و بما ان المرض التنفسي اكثر خطرا على كبار السن .. فهذه الفقرة ايضا تجعلهم اكثر عرضة للاهمال .. وبقراءة بسيطة للنشرة .. يتضح ان ( العمر ) هو احد اهم قواعدها .. و هذا ما اردت توثيقه لتجربة طب الحروب التي كانت تعتمد قواعد اخرى سابقا ..
وهو اضافة العمــر كمجال للمفاضلة في طب الحروب

ايطاليا و اسبانيا للاسف اعتمدوا بداية  ( قابلية النجاة ) كاسلوب للمفاضلة  في بعض المناطق وصلوا المرحلة الثالثة بسبب انه يتم نزع الجهاز من كبار السن ليعطى لصغار السن .. ولم يتم رسميا تحديد الحد الاعلى للعمــر

و يذكر القرار ان معيار العمر .. تم بناء على العدد المحدود للاجهزة ( كبار السن يحتاجون الاجهزة لمدة اطول ) و كذلك تقليلا للخسائر .. و لكي يرفع الحرج و الضغط عن الاطباء في تقرير من سيحصل على العلاج و من سيهمل .. لانه حينئذ سيكون الطبيب فقط منفذا للاوامر.


وضع خطط مسبقة هو افضل ما يمكن للدول ان تفعله .. فخلال ازمة كورونا وضعت البلدان طاقتها لوضع خطط اخلاقية لمواجهة الاثار المتوقعة من امتلاء المستشفيات .. وهذا يشكل فائدة كبيرة لان معظم الطواقم الصحية الطبية ليست مدربة على التعامل مع هذا النوع من الطوارئ .. ولتفادي الاخطاء ( كا التحيز المبنى على العرق و الدين و الجنس الذي قد يمارسه الافراد ) او اخطاء المؤسسات والمستشفيات ( علاج من لهم قابلية دفع تكاليف العلاج ) و توحيد الجهود و الاستعداد و رفع الضغط عن العاملين الصحيين نفسيا و معنويا وجب تحديد هذه الخطط ..

ما اردت توثيقه في هذا المقال هو في البداية بعد شرح مفهوم طب الحروب و المعضلة الاخلاقية التي يواجهها الاطباء في اثناء الازمات ..اردت توثيق انه في ازمة الكورونا تم  اعتبار العمر و الحد الاعلى للعمــر كمقياس للمفاضلة .. وهذا ما استحدثته بلدان مثل ايطاليا و اسبانيا .. في طب الازمات و الحروب وهي ( نقطة التوثيق ) و( نقطه الاعتراض )

الاعتــــراض :  

لا يجب ابدا التصريح بمعيار مثل هذا .. لانه يجعل كبار السن خارج المنظومة الصحية حتى لو كانت لهم قابلية العلاج و يحول فرصهم القليلة اصلا في تلقي العلاج الى معدومة .. ويجعلهم يائسيين و يخلق نوعا من احساس الاهمال

وهو سبب اتهام كثير من النشطاء الحقوقين بان ايطاليا تخلصت من كبار السن فيها و انها طعنة في خاصرة الانسانية ان تخبر شخصا كبيرا في السن انه ليس مهما للدولة ولهذا لن يحصل على العلاج

 التاريخ هو افضل حكم على قرارات من هذا النوع
هذا الوضع وهذه الاختيارات الصعبة .. ادعى لنا نحن من هم في نعمة كبيرة بان نشكر الله على ما نحن فيه من نعمة

فالنظام الصحي في بلداننا هو كما يعلم الجميع .. و ليس من الحكمة ابدا ان لا نتعظ بما يدور من حولنا

وبلا شك باذن الله .. سينتهي المرض باذن الله و ينحسر .. و يتبقى لنا ما تعلمناه منه ..

و للمقال هدف اخر وهو ان نستشعر عذابات اخوتنا في الحروب المجاورة ..
فما زال بيننا من هم يعانون الحرب و المجاعات و الامراض المستوطنة في هذه اللحظة الحالية .. و يمارسون طب الحروب اجبارا عليهم و كان الله في عونهم .. لا تنسوهم من دعائكم و اموالكم ..
دمتم سالمين.. وحمانا الله و اياكم

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...