ريح 4

بواسطة منال جودة
218 مشاهدات

تسير الحياة بنمط واحد مننذ آلاف السنين؛ لأن العقل الجمعي يعيش علي التكرار، أسهل خيار في الحياة، لا مغامرة و لا مجازفة ولا دخول مغارات لم يطأها احد، ببساطة عدم التجديد في نمط الحياة وعدم الإتعاظ بتجارب الغير. نجا القليلون من سيطرة هذه الفكرة وشقوا لأنفسهم طريقا مختلفا في الحياة؛ إختاروا خيارات ظن فيهم البعض الجنون بسببها ولكن أراء الناس لم تثنهم، فنظرتهم لآخر الطريق واضحة و آفاق الحلم لديهم تفتحت لتخيل الخيارات التي يخبئها المجهول هناك.

البداية هي القبول؛ قبول القدر الذي إختارك، والمغامرة التي تنتظرك، بعيدا عن المألوف. وأنا علي الإختيار الآن، إما أن أحرق الكتاب أو أقرأه؛ لا أدري لم لم أحرقه أو ألقي به علي الطريق حتي الآن؟. خوف كبير يبعدني عنه وشيء لا أدري كنهه يجذبني لأفتحه.

-عربي… عربي… عربي…

جاء صوت الكمساري (مسؤول عن تحصيل المال في المواصلات) شجيا معلنا نهاية وقفتي الطويلة و… هيهات. ذهبت الحافلة وبقينا خمسة أشخاص بالمحطة، حمدا لله جاءت أخري وكنت آخر الصاعدين اليها وتحرك السائق علي الفور، للأسف لا يوجد مقعد فارغ

-ألا تريدين الجلوس؟

سألني الكمساري وهو يطقطق بأصابعه طالبا الأجرة من الركاب. تعجبت لسؤاله أين يريد لي الجلوس؟!!

-يابتي ماتقعدي

قالها أحد الركاب قبل أن أرد علي الكمساري، وقد كان رجلا كبيرا في السن يجلس إلي جواره شاب مشغولا بهاتفه

-أين أجلس ياعمو؟

بحلق الجميع في وجهي… وتحولت أعينهم جميعا إلي المقعد المجاور ل”عمو”وتبعتهم عيناي، ذابت ساقاي ولم أعد قادرة علي الوقوف، لقد صار المقعد فارغا!!!… منذ قليل كان يجلس عليه شاب منشغلا بهاتفه… يالله!!

سقطت حقيبة اللابتوب من كتفي وكنت في طريقي لأسقط جوارها إلا أن أيد أسفعتني، وسندتني حتي وصلت الكرسي. وأنا أهم بالجلوس نظرت إليهم مبتسمة

-اااااااه

صرخت وانتفضت واقفة لحظة جلوسي؛ فقد جلست علي شخص وليس كرسي، أقسم أنني جلست علي قدمي اشخص، مددت يدي لألمس الفراغ فإذا بي ألمس جسد والكرسي مازال فارغا. أخذ جسدي أنا ينتفض

– يابت قولي بسم الله

قام شاب بإستبدال مكانه معي، جلست بهدوء وأنا لا أفهم مايحدث.

ما إن وصلت إلي المستشفي حتي ركضت إلي الاستراحة. سأمزق هذا الكتاب لا أريد هذا الجنون في حياتي. فتحت خزانتي، الكتاب موجود بضخامته وغلافه الأنيق. مددت يدي فتحت الغلاف، هذه المنطقة بعد الغلاف مباشرة يفترض أن تكون فارغة، ولكنها لم تكن كذلك، رسوم وأشكال غريبة باللون الأسود علي خلفية بيضاء، مددت يدي لاقلب الصفحة ولكني توقفت وأسرعت باغلاقه واغلاق الخزانة ثم نزلت إلي قسم الطوارئ أباشر عملي كأن شيئا لم يكن.

هكذا كانت كل أيامي السابقة خلال هذا الشهر، أدخل الي الغرفة يضاء النور لوحده، وانا اسير في المنزل احس بشخص يسير خلفي، اتعثر بأشياء لا اراها، اسمع طرقا علي الباب افتحه لا اجد احدا ولكني شي ما يصطدم بكتفي، وفي الظلام اري عينين علي شكل دائرتين بيض تراقباني ما ان اضيء المكان حتي تختفيان. اليوم وبعد شهر من بداية كل هذا سآخذ الكتاب الي المنزل.

في غرفتي وأنا مستلقية انظر الي طاولة القراءة امامي والكتاب في وسطها. لا اجد الشجاعة الكافية لاتصفحه، اشعر بالنعاس، اشعر بالن… عا…. س

-يقين…. يقين

فتحت عيني، رايت ذات الشاب الذي اعطاني الكتاب وقبل ان اصرخ وضع يده علي فمي…

-تعالي اريك شيئا

-لا اريد…. لا اريد

حملني علي يديه كالريشة وكانه لم يسمع اني لا اريد ، قفز بي عبر النافذة التي كانت مفتوحة، من فتحها انا لا اترك النافذة مفتوحة ابدا. انه يقفز فوق المباني، يقفز لمسافات بعيدة وانا علي يديه، هل هذا حلم، بالطبع سافيق وانا علي فراشي لاجد ان كل هذا حلم

-لا تصدري صوتا، انظري.

قالها ونحن علي سطح احدي البنايات بعد ان انزلني. نظرت ولم استطع كتم شهقة خرجت رغما عني؛ فقد رايت ذات الاشكال في اول صفحة من الكتاب التي كانت مرسومة بلون اسود، رايتها بيضاء في ساحة كبيرة بعضها يمشي وبعض يطير، واناس اي بشر مثلي مقيدون و مصفوفون علي الارض.

اثر خروج الصوت مني إلتفتت كل الاشياء البيض وتوجهت الي مصدر الصوت واختفي الشاب الي جواري.

اردت ان اركض ولكني كنت علي سطح منزل لم ادر ماذا افعل، حتي احاطت بي هذه الاشياء. هي مثل لطخة العجين مثل الطفيليات وحيدة الخلية ولكنها غير منتظمة الشكل ولديها اعين. حملت من اطرافي الاربعة الي وسط الساحة وضربني شي بقوة علي راسي سقطت مغشيا علي.

ايقظتني مياه تتساقط علي وجهي ورائحة ليست جميلة، فتحت عيني علي مكان غريب والتفت الي مصدر المياه، هالني م رأيت وزحفت مبتعدة قفز الكلب الذي كان يتبول علي راسي في ذات اللحظة وسقط صانعا هالة من الغبار ونهض ثم ركض مبتعدا وهو يعوي . جلت في المكان حولي بعيني!! يالله!!! أين أنا.

يتبع…

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...