زاوية قائمة

بواسطة منال جودة
206 مشاهدات

 

وافترقنا… شكلتِ أنتِ خط مستقيم وأنا شكلتُ دائرة؛ كلما مر الزمان أعود إلي نقطة تماسنا وأبكيك أطلالا وذكريات.
ثم التقينا، وجه لظهر، أيعد لقاءاً؟!!!… أجل، هكذا لقاء الأقدار غير محدد غير مكتمل، مثل صورة مشقوقة إلي نصفين ملقاة بإهمال علي الطريق لا يعيرها أحد إهتماما ولا تملك القدرة علي الإلتحام، تبقي كذلك حتي يرافق نصف الريح ونصف تبتلعه فتحات المجاري.
تأملتك وأنت ترتدين الكنزة التي أهديتك إياها ذات شتاء، يالله كيف يمر الوقت سريعاًَ؟!! إنقضت عشرة أعوام عام في ظهر عام، تسلل الشيب وأحتل بضع شعيرات، زوجة وأبناء، و… كل شيء آخر كما هو، وإنتِ؟ كيف أنتِ؟. تأملت ظهرك وجانب وجهك وأنت تتحدثين إلي إمرأة إلي جوارك، تابعت عيناي طاولتك، رجل وطفل في الخامسة من عمره، ربما، رجل آخر وإمرأة غير التي تجاورك، من هؤلاء؟؟ هذه الطاولات معدة للعوائل أهذه عائلتك الجديدة؟؟
-حبيبي، اانت بخير؟
إرتعش قلبي عند سماع “حبيبي” وعاد إلي طبيعته عندما سمع مصدر الصوت
-إحم.. إحم… بخير ياحبيتي ماذا هناك؟
لست بخير يا زوجتي العزيزة، ولكني لا أستطيع الشكوي، فلا دواء لما أعانيه، تأملت طاولتي وقد إلتهم أبنائي الثلاثة وأمهم نصف طعامهم تقريبا، وأنا لم المس شيئا بعد.
– سأذهب للخارج قليلا.
كل ما أحتاجه الآن هو سيجارة ونظرة إليكي علي بعد الطاولتين اللتان تفصلاننا … ياللقدر!! في ذات اللحظة تقفين أنت وأقف أنا وتلتقي أعيننا… تسمرت في مكاني وأنت تابعت طريقك إلي المسرح يسبقك تصفيق الحضور.
-في البدء أود أن أشكر الكنزة التي ارتديها فلولاها لم أكن هنا…
هكذا إفتتحت حديثك…الكنزة؟ تقصدينني؟ أنا الشخص الوحيد الذي يقف الآن ويفهم ماتقصدين …. وعلي ماذا يصفق هؤلاء الجالسون الحمقي ؟ هل يعرف أحدهم قصة الكنزة او بالأحري قصة صاحبها؟؟…
-عزيزي…..
لم أنتظر أن تكمل زوجتي ملاحظتها عن وقفتي الملتوية ووجهي المتحجر، سحبت مقعدي واستدرت مغادراً الصالة…
– هذه الكنزة باهظة الثمن لم تقيني البرد.. وعلمتني معني أن ليس كل ما يلمع ذهبا…
أنا الذي خذلتك، أنا الذي لف شباكه حولك فملأت أنتِ فراغاتها أحلام ومشاعر ثم انسحب وتركك ورائه كوم إنهيار مغطي بشظايا أحلام وفتات مشاعر، أنا الذي أخافه توهجك فقرر إخماده، أنا الأناني الذي استفزته عزة نفسك وكبريائك فقرر كسرك، أنا الرجل الذي لم ينس يوما أنه رجل ونسي أنك أنثي حقك عليه الرفق والحماية.
آه لو تعرفين كم عانيت بعدك، كل زوايا حياتي حادة مسننة، دائماًَ ألجأ إلي الزاوية التي يصنعها مماسك في دائرة حياتي، أسند ظهري إليها وأهرب من جحيم الحياة إلي جنة الذكريات، وأسأل نفسي كيف أضعت زاويتي القائمة.

 

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...