قصة قصيرة

بواسطة منال جودة
192 مشاهدات

 

 

 

قصة… قصة… عن ماذا سأكتب؟ منذ البارحة وعقلي مشغول بمسابقة القصة القصيرة التي اخبرتني عنها صديقتي والجائزة القيمة التي تنتظر الفائز. فائز واحد

فقط!!. كيف سأتفوق على هؤلاء المجانين كتاب القصص القصيرة التي تدهشك عند قراءتها، عشرة ملايين!!! … أحتاج هذا المبلغ بشدة وهذا سبب تشويش أفكاري، عندما سمعت الخبر حماستي للجائزة فاقت حماسي للكتابة والآن أنا تائهة في صحراء قاحلة لا إلهام فيها وحيثما أتجه يجذبني سراب الجائزة النقدية.

قصة…. آاااااه… شقت هذه النهيدة هالة التشويش التي تحيط برأسي وبذات أحس بحرارة المقعد تحتي، كم مر هذه المركبة العامة دون ترميم؟ كم شخص جلس هذا المقعد قبلي طوال السنوات السابقة؟ حمداً لله مازال القماش يغطي ما تحته والا ما جلس عليه أحد قط. تململت في جلستي وبدأت أسمع الأصوات من حولي، أحد الركاب يناوش السائق بكلمات جارحة وراكب آخر يطلب منه السكوت فقد انتهى الأمر، ما الذي انتهى؟؟ لقد فاتني ما انتهى… لا يوجد سوي آثار معركة مثل التي يجدها الكلاب في بقايا الولائم وهي تبحث كأنما أضاعت شيئا هناك. لعل ما أضعته انا يصلح كموضوع لقصة، نظرت إلي جاري بغية سؤاله وألغيت الفكرة حالما رأيت وجهه المتجهم، لعله لم ير أو يسمع شيئا أيضا، فهو غارق في هالته، مقطب الجبين مزموم الفم، فيم يفكر يا ترى؟

عدت إلى النافذة حيث تمر المناظر ببطء عكس الزوبعة التي يصدرها محرك الحافلة، والإتكاءة التي تأخذها عندما يغير السائق السرعة مثل المشجع الذي يهتف لفريق ولا يدري أنه يجلس وسط مشجعي الفريق الآخر، جلبة كثيرة دون نتائج تذكر؛ لا أحد من حوله يتفاعل معه، هذه المركبة المسكينة تفعل ذات الشيء مع جسدها المهترئ عساه ينتفض قليلا، تزعجنا بجلبتها فلا تستطيع اختطاف غفوة تقلل بها طول الطريق ولا جسدها يمتثل لها ويسرع الخطأ.

قصة…عن ماذا أكتب قصة؟ ظلت الأفكار تعرض نفسها علي في سباق حامي الوطيس بعد أن ترجلت من المركبة وفي طريقي إلى بوابة الجامعة عبر طريق الأسفلت ذو الإتجاهين

-أعمياء أنتي أم صماء

نظرت إلي صاحب الصوت الأجش فإذا به شاب قد خرج حتى وسطه من زجاج السيارة انتبهت بعدها إلى باقي الأوجه داخل السيارات وصوت الأبواق العالي، ركضت إلي داخل الجامعة بعد كم الشرر المتطاير الذي رأيته في أعينهم. لو يعلمون متا داخل هذا الرأس الصغير لو يرون الهالة حوله فقط لعذروني لعدم رؤيتهم وعدم سماع أبواقهم.

-أكتبي عن التحرش بالفتيات خاصة في المراكب العامة

– إن كتبت فسأكتب عن تحرش المراكب المهترئة بالبشر، اليوم هذا المقعد تحرش بمؤخرتي ما زلت لا أحس بها كأني أجلس على موقد

لفظت صديقتي الشاي من فمها وأخذت نوبة من الضحك تارة وأخري من السعال يتناوبان عليها. أما أنا فقد كاد الكوب يسقط من يدي لولا إسعاف اليد الأخرى؛ ليس ضحكا ولكن ارتباكا وانعدام توازن يجتاحني كلما أراه، ذلك الشاب الذي يتقدمنا بدفعتين ولا تربطني به أدني صلة سوى أن شيء صغير خجول يخصه يختبئ داخلي. حبلي أنا بحبه منذ أول يوم رأيته، إحساس غريب ينتابني لا أدري إن استطعت وصفه بالكلمات ولكنه مثل الماء الدافئ الذي يتمرق على جسدك ثم يغادره منسحبا بهدوء عبر أطرافك.

انتبهت صديقتي أخيرا إلي وألتفت ورائها كأنما تقول هل هو هناك

-صديقتي العاشقة…

قالتها ثم مطت شفاهها ترشف الشاي بصوت شخير أبي الذي أسمعه من غرفته. أوليس العشق المرهق هو ما يجعلنا مرهفين وكتابا.

قصة…. قصة.

-عفوا

-آسفة

اصطدمت به على باب شرفة قاعتنا، ماذا يفعل هو هنا، تأملته لأول مرة عن قرب

ماذا قال؟ هل أساله ربما سألني عن حالي

هذه أظنها الحمد لله بخير حسب ما أردت ان أقول

-أراك تحبين الشاي كثيرا هل أستطيع دعوتك الي واحد؟

ماذا قال؟ اقصد ماذا يعني؟ أيراقبني؟ أنا أشرب الشاي للطافة سعره والآن اذوب سعادة من حديثك…. لماذا حقيبتي على الارض؟؟ لماذا تدور القاعة؟؟ لماذا أنا على يديه. !!! لا تصرخ لا تنادي أحد أنا بخير لن يغمي على بل سأغفو قليلا على هاتين اليدين.

لم أجد قصة اكتبها ولكني وجدت أجمل قصة لأعيشها. لن أكتب عنها فالكتابة تعني وضع نهاية وأنا لا أريد أن تنتهي قصتي.

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...