الرئيسية تاريخ وسياحةتاريخ السودان الفرقة السودانية في حرب المكسيك

الفرقة السودانية في حرب المكسيك

بواسطة زهراء جبريل حلو
نشر اخر تحديث 852 مشاهدات

وردت في كتاب صفوة الفيلق الأسود الصادر في العام 1995م للمؤلفان ريتشارد هل و بيتير هوق معلومات عن فرقة الجنود السودانيين التي شاركت في حرب المكسيك خلال الفترة مابين ( 1863-1867م ). 

كانت لدى نابليون الثالث إمبراطور فرنسا في فترة حكمه أفكار وطموح لإعادة مجد فرنسا الذي توارى وسط الدول الغربية، وإنشاء رابطة لاتينية كاثوليكية لمستعمرات اسبانيا والبرتغال السابقة في باريس.

لتحقيق طموحه هذا، قام نابليون الثالث بالتدخل في السياسية المكسيكية في الفترة مابين (1861-1867م) ، وكانت فترة حرجة في تاريخ المكسيك عرفت (بفترة الإصلاح) ، أما في المكسيك فقد أعلن رئيسها قراراً رسمياً بتأجيل الديون المستحقة على بلاده لمدة عامين، فوجد الإمبراطور نابليون الثالث هذا الإعلان ذريعة لغزو المكسيك، ليس هذا فحسب أيضاً قرر نابليون الثالث قلب نظام الحكم في المكسيك و تنصيب حكومة تتبع له. و لذلك نزل الجيش الفرنسي بأرض فيراكيز المكسيكية و إستطاع إبعاد بنيتو رئيس المكسيك عن الحكم.

وبذلك تم الإعلان عن قيام إمبراطورية جديدة و تعين ارشيدوق النمسا ماكسيملان إمبراطوراً عليها في العام 1864م. بعد ذلك بدا واضحاً صعوبة سحب القوات الفرنسية خاصة أنها دائما ما كانت تتعرض للتهديد من قبل القوات الجمهورية المكسيكية التي كانت تؤيد للحكم السابق، إضافة إلى ذلك كان خط الإمداد إلى القاعدة الرئيسية فيراكيز يمر عبر الساحل الكاريبي بمنطقة مؤبوة بمرض الحمى الصفراء. فكان كل هذا مدعاة للتفكير و إستجلاب قوات تستطيع التعايش و التكيف والعمل في ظل هذة الظروف البيئية السئية. و كان الذائع وسط الأوربيين أن الأفارقة أكثر تحملاً من غيرهم للأمراض الإستوائية.

و بناءً على ذلك طلب الإمبراطور نابليون الثالث في نهاية 1862 من حاكم مصر محمد سعيد باشا أن يمده بفرقة من جنوده، وقد كان محمد سعيد باشا مولع بالفرنسيين ، ومن أجل التلبية والإستجابة لطلب الإمبراطور الفرنسي، أرسل إلى الإمبراطور الفرنسي كتيبة سودانية مكونة من 446 ضابطاً وجندياً ومترجم مدني واحد إلى المكسيك . كان على رأس تلك الكتيبة البمباشي جبرالله محمد أفندي و نائبه اليوزباشي محمد ألماظ أفندي .

غادرت الكتيبة السودانية ميناء الاسكندرية على متن السفينة الفرنسية (لاسين) في يناير 1863م إلى المكسيك. و صلت بعد 47 يوماً في عرض البحر،كانت الكتيبة مكونة من قائد واحد وملازم واحد ورائد و8 من الرقباء و15 عريفاً و359 من الجنود و39 من المجندين و22 من الأطفال تراوحت أعمارهم مابين 10-15 عاماً. لقد كان أغلب الجنود في كامل زيهم العسكري وعتادهم. مات منهم سبعة رجال في عرض المحيط الأطلنطي ومات عدد 15 رجلاً عند وصول الكتيبة للأراضي المكسيكية بسبب حمى غامضة لم تكن هي الحمى الصفراء بينما فقد آخرون حياتهم لأسباب أخري غير معروفة .
قامت الفرقة السودانية بإنجاز العديد من العمليات الحربية في مناطق مختلفة في المكيسك. وأما مهاهم كانت هي حراسة خط السكة حديد غير المكتمل بين فيراكيز والعاصمة المكسيكة ،والعمل كحراس للأمن داخل القطارات،أيضا المشاركة مع القوات الفرنسية في صد حرب العصابات التي كان المكسيكون يقومون بها. اكتسب الجنود السودانيون سمعة طيبة جدًا في أوساط الحلفاء والأعداء على حد سواء،حيث اشتهر السودانيون بالقوة والشجاعة في ساحة الحرب ولديهم خبرة في طريقة إستعمال الأسحلة ، كما لديهم سلوك عسكري في غاية الإنضابط.

في نهاية الأمر بعد أن وضعت الحرب الأمريكية الأهلية أوزارها في عام 1865 ، رفضت الحكومة الأمريكية الإعتراف بالحكومة التي نصبها الفرنسيون في المكسيك. و طلبت الحكومة الأمريكية من الفرنسيين سحب قواتهم فوراً من المكسيك. وعندما حركت واشنطن قواتها نحو ريو جراندي عام 1866م تيقن نابليون الثالث أن لا قبل له بأمريكا وجنودها فأعلن رغبته في سحب جيشه من المكسيك. وتنفيذاً لطلب الحكومة الأمريكية غادرت الفرقة السودانية المكسيك مع باقي القوات الفرنسية عام 1867م إلى مصر عن طريق فرنسا. أثناء الأربعة سنوات التي قضاها الجنود السودانيين في المكسيك كان عدد المعارك التي حاربوا فيها 48 معركة كسبوا أغلبها و ذلك لبسالتهم ونالوا عظيم التقدير و الإشادة من السلطات العسكرية الفرنسية. وصلت الكتيبة السودانية إلى باريس في أبريل 1867م، وتم استقبالهم استقبالاً شعبياُ و رسمياً ضخماً و أنعم عليهم بأنواط الشرف، وقد تم عرضهم على نابليون الثالث الذي تفقد شخصياً طابور الشرف الذي اصطفوا فيه. غادرت الكتيبة فرنسا متجهة إلى مصر في مايو من ذات العام و وصلت في 28 مايو 1867م. بعد أربع سنوات من القتال الضاري رجع إلى الاسكندرية 321 سودانيا من أصل 447 توقي منهم 48 في ساحة الحرب و64 بسبب الأمراض ،أثبت الجنود السودانيين أنهم مقاومون للحمى الصفراء و لم يمت منهم بسببها سوى جندي واحد، رأى الطبيب البريطاني هوير في مقال له في المجلة الطبية( لانست ) سنة 1934م أن مقاومة الجنود السودانيين لمرض الحمى الصفراء في المكسيك قد تعزى لتعرض هؤلاء الجنود لعدوى ذات المرض في وقت سابق لسفرهم إلى المكسيك مما يكون قد أكسبهط مناعة ضد مرض الحمى الصفراء.

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

2 تعليقات

Avatar
محمد 2021-04-01 - 10:24 مساءً

مقال ضا في لفتره تاريخيه قواتنا الباسلة
ربما تكون للكثيرين منا….

Reply
Avatar
عبدالرحمن 2021-04-01 - 9:22 مساءً

مقال جميل جداً

Reply

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...