الرئيسية تاريخ وسياحةتاريخ السودان تاريخ السودان الحديث ج “5”

تاريخ السودان الحديث ج “5”

بواسطة مأوى عبدالعزيز
نشر اخر تحديث 2.1K مشاهدات

(الديمقراطية الثالثة) 

بمنتصف العقد الثامن من القرن العشرين طُوُيِت صفحة نميري؛ كصفحة ثانية من تاريخ العسكر في السودان.. إيذاناً بدخول البلاد فترة الديمقراطية الثالثة، وقبل مجئ حكومة منتخبة. كانت هناك فترة انتقالية برئاسة الفريق عبد الرحمن سوار الدهب.
سوار الدهب ورئاسة الفترة الانتقالية ١٩٨٥-١٩٨٦ :
بعد انحياز وزير الدفاع في ذلك الوقت الفريق أول عبد الرحمن سوار الدهب لرغبة الشعب أذاع البيان الذي أعلن فيه

الفريق أول ركن
عبد الرحمن سوار الذهب

الاستيلاء على السلطة، و بعد تقلده رئاسة المجلس الانتقالي إلى حين قيام حكومة منتخبة؛ ارتقى لرتبة المشير. و صدرت بعد ذلك عدة قرارات نصت على تعطيل العمل بالدستور، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وإعفاء رئيس الجمهورية، و نوابه، و مساعديه، و مستشاريه، و وزرائه و حلّ الاتحاد الاشتراكي، هذا فيما أعلن عن تشكيل مجلس عسكري انتقالي لممارسة أعمال السلطتين السلطة التشريعية، و التنفيذية برئاسة الفريق أول عبد الرحمن سوار الذهب، والفريق أول تاج الدين عبد الله فضل نائبا له، وعضوية 13 من كبار ضباط الجيش من بينهم اثنان من أبناء جنوب السودان كما شكلت حكومة مدنية…وتم تعيين الجزولي دفع الله رئيسا للوزراء.

الجزولي دفع الله

الاستقلال التام والحفاظ على الوحدة الوطنية :
الاستقلال و الوحدة الوطنية كانت أهم مرتكزات الفترة الانتقالية ؛وقد سعت بأنها لاتريد أن تستبدل نظام عسكري بآخر، بل أنها جاءت من أجل احتواء كل الآثار المترتبة في فترة الحكم الماضي في شتى المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وبمعني التمهيد لحكومة تعمل على حل مشاكل السودان كمشكلة الحكم، والحرب في الجنوب.

الديمقراطية الثالثة وإجراء الانتخابات العامة :

أحمد الميرغني

الإمام الصادق المهدي

جرت الانتخابات في موعدها في أبريل ١٩٨٦ بنهاية الفترة الانتقالية التي استمرت لمدة عام . وقد تصدر فيها حزب الأمة وفاز بالأغلبية بزعامة الصادق المهدي وتم تعيينه رئيسا للوزراء ، بينما جاء الحزب الإتحادي الديمقراطي في المرتبة الثانية ؛الذي كان يتزعمه أحمد الميرغني وتولى رئاسة مجلس رأس الدولة، فيما خرج منها حزب الجبهة الإسلامية القومية وزعيمه حسن الترابي ليتصدر صفوف المعارضة في البرلمان. وسلم سوار الذهب السلطة إلى الحكومة المدنية الجديدة وفاءً بوعده.

 

حسن الترابي

 

المشهد السياسي في الديمقراطية الثالثة :
بالرغم من فوز حزب الأمة بأغلبية المقاعد في الانتخابات لكن هذه الأغلبية لم تمكنه بالانفراد بالحكم لذا شكل الصادق المهدي – السياسي المخضرم و رجل الديمقراطية   – خمس حكومات ائتلافية، وكان معظمها غارق في المشاكل والخلافات فيما بينها تجلت بوضوح عندما قام الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي خرج من الحكومة الائتلافية بتوقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (بقيادة جون قرن) التي حققت انتصارات عسكرية نتيجة للمساعدات العسكرية، والدعم السياسي الذي تلقته من إثيوبيا وبعض الدول الأفريقية المجاورة للسودان، ونصت الاتفاقية بوقف إطلاق النار، بجانب رفع حالة الطوارئ، والغاء قوانين سبتمبر .. غير أن رئيس الوزراء الصادق المهدي رفض الاعتراف بهذه الاتفاق ، ووضع العراقيل أمام تنفيذه ما أدى لإتساع رقعة الحرب.
 الحالة الاقتصادية ومشاكل التنمية إبان الديمقراطية الثالثة :
من جانب التنمية ومقارنة بالعهد المايَوي الذي كان فيه الوضع متدهوراً  آخر أيامه، وكانت التنمية فيه سالبة أما في عهد الصادق المهدي تم رفعها إلى ½ متوسط تنمية، وتم الحفاظ على دولة الرعاية الاجتماعية متمثلة في مجانية التعليم ومجانية الصحة، وتأهيل مشروع الجزيرة، إضافة إلى مواصلة الإنتاج الصناعي بمستوى كبير. وبالرغم من هذا كله لم تختفي الأزمات الاقتصادية بشكل كلي علاوة على الضائقة المعيشية في خضم تلك الفترة.
رؤية الحكومة تجاه مشكلة جنوب السودان :
شكلت مشكلة جنوب السودان عائقا كبيرا لدى حكومة الصادق المهدي؛ خصوصا بعد رفضه لاتفاق السلام مع الحركة الشعبية.. إضافة للهزائم المتلاحقة التي منيت بها القوات الحكومية في جنوب السودان.. فعقدت القيادات العامة للجيش اجتماعاً خرجت به بمذكرة تم تسليمها للصادق المهدي؛ مطالبة إياه بالعمل على تزويد الجيش بالعتاد العسكري الضروري، أو وضع حد للحرب الدائرة في الجنوب. و أحدثت المذكرة بلبلة سياسية في البلاد لأنها تتضمن تهديداً مبطناً للحكومة أو على الأقل توبيخاً رسمياً لتقصيرها في إحدى مهامها الأساسية و هي الدفاع عن البلاد، بإهمالها التزاماتها تجاه الجيش عمل هذا على تدهور العلاقة بين الصادق المهدي، والجيش و لكن بنهاية المطاف و نتيجةً للمذكرة قام المهدي بتكوين حكومته الخامسة و الأخيرة و التي عرفت بحكومة الوحدة الوطنية – أُقصيت منها الجبهة الإسلامية – و أعلنت موافقتها على اتفاقية الميرغني – قرنق للسلام  ما أدى لأن تعلن الحركة الشعبية وقف إطلاق النار لتتمكن الحكومة الجديدة من تنفيذ برنامجها.. و في اليوم الذي يترقب فيه كل السودان اجتماع مجلس الوزراء في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م المقرر فيه إلغاء قوانين سبتمبر؛ إذ بالجبهة الإسلامية و جناحها العسكري في الجيش، تنفذ انقلابها العسكري الذي عرف بثورة الإنقاذ الوطني.


يرجع عدم استقرار الحالة السياسة في البلاد و عدم التطور و التقدم الملحوظ في شتى المجالات إلى قصر الفترة الديمقراطية التي تكاد تتعدى الثلاثة أعوام و بطبيعة حال الحكومات الائتلافية التي تسودها الخلافات و إلى العديد من المشاكل الأخرى.. ترقبونا في الجزء القادم الذي سيشهد أطول فترة حكم في تاريخ السودان الحديث.

Digiprove sealCopyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...