ريح ٢

بواسطة منال جودة
292 مشاهدات

ريح٢

أمضيت النهار قرب أمي، واتصلت علي زميلتي لتغطيني في دوام المساء علي أن أداوم أنا صباحا. قرار ندمت عليه لاحقا فالنوم لم يعرف طريقه إلي عيني إلا من غفوة صغيرة نهضت منها فزعة، وشيء آخر غريب أقلقني؛ كنت أسمع صوت أنفاس قرب أذني كلما أغمضت عيني. أنا وحدي في غرفة الفتيات بعد زواج جميع شقيقاتي و.. فجأة أضيء نور الغرفة، هكذا لوحده ثم إنطفأ. جحظت عيناي، نهضت من فراشي أجرجر غطائي وأمشي علي قدمين لا أكاد أحسهما. وبآخر قدرة في جسدي دسست نفسي إلي جوار أمي التي تفضل النوم في فناء الدار (الحوش).
– يقين؟!
-امم
بعد هذاالحوار القصير أغمضت عيني ولم أفتحهما إلا والشمس تمرق أيديها علي جسدي. نهضت مثل الملدوغ؛ الدوام، حظي كان جميلا في المواصلات فقد كانت سلسلة حتي وصلت المشفي.
إنتهي اليوم سريعا كمن لديه موعد يريد أن يلحقه، والآن أنا في طريقي إلي البيت في إنتظار المواصلات التي لم تكن بذات جمال الصباح.
هذا اليوم الثاني لواقعة الشيخ والفتاة وماحدث هناك، لازال الصداع يسيطر علي رأسي وأنا أمارس حياتي كأنه غير موجود. والآن أصبح الصداع وتفاصيل ليلة أمس يمسكان برأسي كمقبض حديدي. لم يمنعني ما أشعر به من ألم من ملاحظة ذلك الشاب الوسيم الذي يسترق النظر إلي بين الفينة والأخري. كان أنيقا بقميصه التركوازي والبنطال الأبيض ويحمل كتابا ضخما بيده. ونسبة لأني كنت أقف خلف الجميع كعادتي، فقد كان مضطرا أن يلتفت خلفه ليراني بطريقة حاول أن تبدو عادية ولكني لم أستطع إغفال أنني خاتمة المحطات لعينيه دائما. جاءت حافلة علي حين غرة كأنها تريد دهس الجميع، ووقفت وسط الحشود بعد أن شقتها بقوة، كان إستعراضا رائعا من السائق وبذات القوة شمر الواقفون عن سواعدهم يتدافعون عبر النوافذ والباب. تحرك الجميع نحوها باآمال باهتة وخطوات يائسة، وبقيت مكاني أراقب من علي البعد.
– تفضلي
فاجأني قرب الصوت، نظرت أولا الي الكتاب الممدود أمام وجهي ثم رفعت عيني إلي وجه المتحدث، ذات الشاب الوسيم.
-ما هذا؟!!!
-هذا الكتاب لك.
وبدأ يقلب في الصفحات أمامي، صور ورموز لم أفهمها وصور لبشر. نظرت إليه بإستغراب، قال مبتسما:

-بواسطة هذا الكتاب تستطيعين تمييز البشري من الجني، وأسرار أخري ستعرفينها في حينها ياسيدتي.

أحسست بالارض تدور بي وعيني مازالت معلقة بوجه ذلك الشاب الذي تحولت عيناه إلي لون الدم ومازال مبتسما. أظلمت الدنيا حولي و لم أعد أشعر أو أسمع أو أري شيئا.

يتبع*

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...