الرئيسية السينما كلاسيكيات السينما They shoot horses, don’t they?

كلاسيكيات السينما They shoot horses, don’t they?

بواسطة مياده أزهري
نشر اخر تحديث 289 مشاهدات

كلاسيكيات السينما

They shoot horses, don’t they?

عندما نفقد أنفسنا في عجلة الحياة حينها نتحول إلى كائنات آلية تحركها رغبات دنيوية ضحلة لامعنى لوجودها ولا معنى لحياتها، عندها تفقد الحياة  معناها وتتحول إلى حلبة صراع لنتحول نحن بدورنا إلى مجرد آلات أو أحصنة في ماكينة هذا الصراع.

حينما تأسرنا الحياة في دوامتها في صراع دائم وغير مجدي، حينها نكون أمام خيارين إما الاستمرار والدوران في حلقة مفرغة جوفاء أو التوقف والاستسلام .

التصنيف: دراما/أثارة نفسية.

تاريخ الأصدار: 1969

مدة العرض: 120 دقيقة.

يأخذنا المخرج الأمريكي سيدني بولاك إلى واحدة من أكثر حقبات التاريخ الأمريكي ماساوية، حقبة الكساد الكبير التي ضربت الاقتصاد الأمريكي خلال ثلاثينيات القرن المنصرم، عندما انتشرت البطالة بين الناس وتفشى الجوع، وظهر مايسمى بمارثونات الرقص.

الفيلم يسرد تجارب مجموعة من الأشخاص المحبطين الذين ينضمون إلى احدى هذه المارثونات من أجل الحصول على ثلاث وجبات يومية وربح الجائزة الكبرى 1500 دولار.

سيناريو الفيلم كتبه جيمس بو وروبرت طمسون عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الامريكي هوريس ماكوي.

حين يكون الكساد الاخلاقي اكثر فتكاً من الكساد الاقتصادي

يتم استقلال هؤلاء البائيسين في المارثون من اجل تسلية زمرة من الاغنياء، الذين يستمتعون برؤية بؤسهم ومحاولاتهم المستميتة للأستمرار في المارثون. مجرد احصنة يلهثون في جحيم الرقص المتواصل من اجل حفنة من المال، يرضخون طائعين ليتم استغلال بؤسهم في تسلية جمهور من المترفين غير آبهين بمدى الإذلال الذي يتعرضون له وعدم جدوى محاولاتهم المستميتة للاستمرار في مضمار السباق.

حينما يكون العوز والاحتياج هما محركنا الأساسي، وحينما تراق الكرامة على أقدام الأثرياء حينها يفقد الإنسان إنسانيته واحترامه لذاته.

على حلبة الرقص الكل يرقص من أجل دافع مختلف

غلوريا(جين فوندا) تريد أن تثبت أنها على حق في نظرتها التشاؤمية للعالم وعلى النقيض شريكها روبرت (مايكل سارازين) مستسلم منساق قانع يجد نفسه مرغم على الاشتراك، يريد أن يجرب حظه، البحار(ريد بوتن) يرقص ليثبت أنه مازال شابا والممثلة الطموحة أليس (سوزانا يورك) ترقص لتثبت موهبتها التمثيلية على أمل أن يكتشفها أحد المخرجين، والمرأة الحامل ترقص منقادة لزوجها، تحركهما رغبتهما الملحة للحصول على بعض المال من أجل طفلهم المنتظر….

جميعهم يرقصون بقيادة المايسترو روكي (جيغ يونغ) الذي لا يضيع فرصة لاذلالهم وتضييق الخناق عليهم من أجل تسلية جمهوره المتخم من الثراء.

أجادت فوندا تقديم شخصية غلوريا، تلك الفتاة الشرسة المتشائمة صاحبة النظرة السوداوية والساخرة للعالم، فرس حزينة كئيبة تنضح بالكراهية والاستياء لتنال عنه أول ترشيح أوسكار في مسيرتها.

رقصة ماجنة في مطحنة الحياة

استطاع بولاك بكوادر انسيابية متناسقة أن يشدك لجو الفيلم المسلي، المليء بالرقص وإيقاعات موسيقى الثلاثينات الصاخبة، تفنن في نقل مظاهر البهرجة والتسلية في مارثونات الرقص، بهرجة مغلفة بالكابة لحدث تم تسويقه على أنه ممتع، ولكن الحقيقة خلف هذا الغطاء البراق أكثر مأساوية ..أنت تصاب بالإحباط في أجواء تصدح بالموسيقى والرقص المحموم.

نظرة سوداوية وواقعية لحال المجتمع وسوء النفس البشرية، يصف الفيلم في أبسط صوره كفاح البشرية من أجل البقاء، فالمتنافسون يركضون في جحيم الرقص المتواصل للاستمرار في السباق، يكدحون لآخر رمق  لتحقيق الفوز، نرى ذلك جليا في أحد المشاهد ل جين فوندا وهي تسحب البحار خلف ظهرها،حصان بائس يحاول الاستمرار في السباق رغم الألم…

وعلى الجانب الآخر نرى انحدار النفس البشرية حتى وصلت لمرحلة اللامبالاة لمعاناة الاخرين، أناس متعطشون لرؤية بؤس الاخرين ، يتلذذون لرؤية غيرهم في مواقف مذلة وكأن ذلك يجعلهم راضين عن أنفسهم، ومع ازياد جرعة البؤس والمعاناة يزداد الاستمتاع والنجاح.

نفس التميمة وإن كانت تقدم في الماضي كمارثونات رقص مجنونة فإنها تقدم في الحاضر كبرامج تلفزيون الواقع ، فهنالك جاذبية خفية، سادية مدفونة لدى البشر لمشاهدة بؤس الاخرين.

ترشح الفيلم ل 9 جوائز اوسكار بينها أفضل إخراج وأفضل ممثلة وأفضل سيناريو ليظفر منها جيغ يونغ بجائزة أفضل ممثل في دور مساعد.

في مارثون الحياة الكل خاسر

الفيلم يحمل رمزيات عدة فمارثون الرقص المتواصل يشبه مارثونات عبثية نخوضها في الحياة، نكدح في مضمار لاينتهي يستهلكنا دون رحمة، يضيع شغفنا بالحياة  ونحن نلهث في رقصة عبثية لننال حفنة من المال.

اختصر بولاك فلسفة الحياة وتعقيداتها في قاعة رقص مملؤة بخليط من البشر يتنافسون ويتصارعون من أجل الفوز، فلسفة  تجعلنا نتفاعل مع المتسابقين ونتوق لمعرفة الرابح دون أن نهتم لمن يسقط في عجلة المارثون، وعندما نصل إلى ذروة الاستمتاع تتراءى لنا الحقيقة المفزعة، نحن كالجمهور القابع في حنايا المسرح لانستطيع انتقادهم دون ان نبدو كالمنافقين.

حين يكون الاستمرار في السباق هو دافعنا الوحيد، حين يكون جمع المال هو أسمى أهدافنا، عندها تصبح الحياة موحشة وندرك أننا أفنينا عمرنا لاهثين خلف السراب،خاليين من الشغف… حينها نصل إلى نهاية المارثون مرددين أنهم مازالوا يقتلون الجياد، اليس كذلك؟

IMDB: 7.9/10

Rotten Tomatoes: 83%

 

 

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...