الرئيسية السينما كُلٌ يُغني على ليلاه

كُلٌ يُغني على ليلاه

بواسطة مازن أسعد عثمان
نشر اخر تحديث 194 مشاهدات

Songs From The Second Floor 2000

IMDb : 7.6

Rotten Tomatoes : 89%

 

نحن الآن في القرن العشرين لكن يبدو أن خرافات القرون الوسطى ما زالت موجودة ..

في مدينه رمادية اللون والنكهة، تبدو وكأنها خرجت من عصر الطاعون والجدري، متفاوتة طبقيا حيث تمتليء بأصحاب البدل والسكارى والمشردين، كل شيء يسير على نحو خاطيء اختناقات مرورية حادة لثماني ساعات، الجميع يسير في نفس الإتجاه، تضحك من الألم، تفشل الأعمال التجارية، تتحول الفتاة إلى تضحية بشرية، الأمر أشبه بروايات الديستوبيا ..

الفيلم لا يتبع لتصورك في طريقة عرض القصة التقليدي .. بل هو أشبه بتقديم مجموعة مشاهد وقصص قصيرة منفصلة لكنها داخل عالم واحد .. وهو الجزء الأول من ثلاثية بعنوان أن تكون إنساناً ..

(لاسي) يصل إلى العمل فقط ليكتشف أنه تم فصله بعد 30 عاما من الخدمة .. يمسك بساق رئيسه الذي يجره عبر القاعة وهو يتوسل إليه دون جدوى أمام نظر زملائه ..

يتعرض عامل توصيل للضرب فقط لأنه يتحدث بلكنة غريبة دون أن ينجده أحد من المارة ..

(لوسو) ساحر فخم كما يبدو .. يحصل على متطوع من الجمهور في خدعة القطع بالمنشار التقليدية، ولدهشة الجميع حتى الساحر ! قطعت الشفرات بطن المتطوع الذي تم نقله إلى المستشفى .. ونشاهد النتائج الكارثية لحالته حيث تقوم أي حركة صغيرة أو إهتزاز بإرساله إلى أنين من الألم ..

(كالي) في مترو الأنفاق ووجهه مغطى بالرماد، اتضح أنه أشعل النار في متجره متعمدا مقابل أموال التأمين .. تتفاقم مشاكله من خلال وجود ابنه الأكبر في مصحة عقلية، وفي كل مرة يزوره كالي، يتم إخراجه من الغرفة بسبب صراخه ضد هوس ابنه بالشِعر ..

الشخصيات كلها في حالة بؤس غير عادي .. كلها تعيش في حالة إكتئاب دسم .. وملامحهم رمادية تُوحي بأنهم لم يتعرضوا للشمس طيلة حياتهم ..

 

الكاتب والمخرج السويدي روي أندرسون في دراما سريالية عن مجتمع في حالة انهيار مأساوي .. لقد اختفت كل القيم والفضائل الحضارية التي احتفظت بالأشياء في مكانها، ينظر الناس إلى أنفسهم فقط .. وقد اختفت المجاملات العامة، لا وجود للمراعاة حتى في أبسط صورها ..

الفيلم يدعك في حالة ملل لكن ليس من رتابته بل من كثرة التركيز لمعرفة المقصد من وراء المشاهد .. فتقريبا كل المشاهد تحمل معنى من حياتنا التي نعيشها ..

من المرجح وبشدة ألا تستمتع بالفيلم لكن المؤكد أنك لن تنساه، لأنه ليس كغيره، سريالي بدرجة أولى في وصف المجتمع الرأسمالي الحديث ..

الفيلم ليس من المفروض أن يكون كوميديا لكن بطريقة ما نجد أنفسنا نضحك وبشدة وفجأة نُصاب بالإحباط ونشعر بالمعاناة وأحيانا يجعلنا كالبُكم تماما ..

التصوير غريب نوعا ما، كأنه تم زرع كاميرات ثابتة لاتتحرك هنا وهناك في مدينة متوقفه عن العمل ..

روي أندرسون قدم فيلم بطريقة جديدة تماما يبدأ بالسخرية ويتنقل بين مشاهد وشخصيات غير مترابطة لكن خلفيات المشاهد تتخللها نفس القيم والرمزيات والإسقاطات عن أساطير قديمة كشعائر الجلد، التضحية وسلوك الشركات الكبرى التي تفعل كل شيء في سبيل غاياتها .. هو رساله تظهر عند تقاطع المهزلة والدعابة مع المأساة والبؤس ..

لقد تجاوزنا نقطة الإتزان الآن .. بدأنا من اليأس وانتهينا لعالم لا أمل فيه تماما ..

ربما يعجبك أيضا

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقبل أقرا المزيد...